مصيدة أم مجد
أتتنا البشرى اليوم بفوز حركة المقاومة الإسلامية حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني في الانتخابات التي جرت أمس الأربعاء. ولئن حملت لنا قنوات التلفاز والمواقع الإخبارية تحليلات وأخبارا عن هذا الفوز الكاسح، فإننا نفتخر بعدة حقائق جلبتها لنا هذه الأخبار:
أول هذه الحقائق هي أن السلطة الفلسطينية بيضاء الوجه. فقد نظمت انتخابات حرة وأصرت على مشاركة الجميع فيها دون إقصاء أحد، ثم تم فرز الأصوات بشفافية وإعلان الفائز وتنحّي الخاسر دون شكوى من أن الانتخابات مزورة أو لجوء إلى الطعن في النتيجة من أي طرف. وإذا قيل أن فتح لا يمكن أن تشتكي لأنها هي التي أدارت الانتخابات فهذا صحيح ولكنه لا يقلل من نزاهتها وكونها حالة نادرة في ووطننا العربي من المحيط إلى الخليج مع بعض الاستثناءات الطيبة هنا أو هناك.
ثاني الحقائق هي أن حركة حماس ستتعرض لتجربة لم يسبق لها المرور بها، وهي تجربة الحكم. دائما تنتقد المعارضة الحكومة في كل مكان لأنها غير كفؤة في إدارة شئون البلاد، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه المعارضة ستكون أحسن حالا ممن تنتقدهم. وقد سمعنا كثيرا من الكلام من حماس عن نيتهم تغيير الأوضاع، والآن هو وقت تحويل الأقوال إلى أفعال، وهو أمر غير سهل كما قد يتخيله الإخوة في حماس فإن دونه خرط القتاد، والأوضاع الخاطئة والسيئة الموجودة على الأرض مر على وجودها سنين وعقود وتعوّد عليها كثير من الناس وشاب عليها الكبير وكبر عليها الصغير، والتغيير والإصلاح - كما هو شعار حماس - مطلب عزيز. لكن الأمل كبير في هذه العصبة الطيبة من أبناء حماس. ومن أكثر المواضيع إثارة للجدل موضوع الجمع بين الحكم والمقاومة العسكرية التي تتبناها حماس ضد الاحتلال الصهيوني، وأعتقد أن حماس الآن كالسائر على الحبل، يحتاج إلى توازن دقيق في مشيه وإلا سقط وهلك.
ثالث حقائقنا أن حماس - وهي فرع للإخوان المسلمين - هي أول فروع هذه الحركة يتسلم حكما في أي من البلاد العربية التي امتد لها فكر الإخوان. ومن المعروف أن الفكر الإخواني يعتبر السياسة جزءا من الدين وينادي بإعادة الدمج بين الدين والدولة والتخلي عما يسمونه ”الفصام النكد“ بين جناحي الحياة هذين. والآن سنرى التطبيق العملي لشعارات الحكم الإسلامية هذه، والتي ستكون - إذا نجحت - نبراسا لجميع فروع الإخوان المسلمين في العالم الإسلامي تعمل على هداه وتضرب به مثلا بدلا من الأمثلة السيئة التي يضربها العلمانيون كنماذج للحكم الإسلامي.
أرجو من كل قلبي التوفيق لحماس في إدارة السلطة وتحقيق آمال وطموحات ناخبيها وجميع الشعب الفلسطيني، وأن تظل على ولائها للعملية الديمقراطية التي صعدت بواسطتها لكرسي الحكم فتحترم الشعب بجميع فئاته وتعرف أن الشعب بإمكانه أن يعيدها إلى الشارع إن أخفقت في ما ادعت قدرتها عليه. بالتوفيق يا شباب و ”بيضوها“.
5 Comments:
انت قلت :
أول هذه الحقائق هي أن السلطة:الفلسطينية بيضاء الوجه. فقد نظمت انتخابات حرة وأصرت على مشاركة الجميع فيها دون إقصاء أحد، ثم تم فرز الأصوات بشفافية وإعلان الفائز وتنحّي الخاسر دون شكوى من أن الانتخابات مزورة أو لجوء إلى الطعن في النتيجة من أي طرف. وإذا قيل أن فتح لا يمكن أن تشتكي لأنها هي التي أدارت الانتخابات فهذا صحيح ولكنه لا يقلل من نزاهتها وكونها حالة نادرة في ووطننا العربي من المحيط إلى الخليج مع بعض الاستثناءات الطيبة هنا أو هناك.
عجيب امر الاحزاب الاسلامية ...اذا مافازت بالانتخابات تقول انها مزورة ....واذا اهي اللي فازت تدعي ان الانتخابات نزيهة علشان غيرها لا يطعن !!
صدقني اخي الكريم .....عمرها الاحزاب الاسلامية ما تنفع بالحكم ..لانها لا تؤمن بالاخر ....تحياتي
أهلا أخي بو صالح وأشكرك على الرد
الذي حصل في الأراضي الفلسطينية هو أن حتى فتح الحزب الخاسر لم يعترض على نتائج الانتخابات أو يطعي فيها.
بينما لو ترى كمثال الانتخابات المصرية الماضية تم تسجيل مئات الطعون من الإخوان المسلمين حزب المعارضة الرئيسي ومن جماعات أخرى وأحزاب أخرى أيضا
ألا يعطيك هذا دليلا على نزاهة أو عدم نزاهة الانتخابات؟
احترم وجهة نظرك اخي الكريم ...ولكن شوف اللي صار بالعراق ....السنة اعلنو مقاطعة الانتخابات ولما انتهت الانتخابات وما حققو النسبة اللي يبونها قالو انها مزورة ولا زم يضمونهم بالتشكيل الوزاري !! ....والحوادث بالتاريخ السياسي المعاصر كثيرة من ناحية عدم رضى الجماعات الاسلامية على اي انتخابات مايحصلون فيها على النسبة المتوقعة ....نوصل لنقطة انا اثرتها من قبل واثيرها مرة ثانية....الجماعات الاسلامية غير مؤهلة للحكم لانها لاتؤمن بالاخر ....اهي مقتنعة ان اي طرف غيرها ما يستاهل ان يمسك الحكم واهي موجودة ...دائما تدعي امتلاك الحقيقة وعندها وكالة غير قبالة للعزل عن الدين الاسلامي وتتحدث باسمه واللي يهاجمها كانه يهاجم الدين...
هذي مشكلتنا .....
أخي العزيز
أعتز بمناقشتك الحضارية وإن اختلفت معك في الرأي
مثالي على ذلك الحركة الدستورية الإسلامية في انتخابات 2003
منيت الحركة في تلك الانتخابات بهزيمة غير متوقعة، لكنها لم تلم الآخر ولم تدّع التزوير، بل رجعت إلى قواعدها وأعادت هيكلة نفسها وانطلقت من جديد نحو انتصارات قادمة بإذن الله
الجماعة تقبلوا عدم اختيار الناس لهم وعادوا ليروا ما الذي فعلوه خطأ ليصححوه
أليست هذه ممارسة سياسية راقية في نظرك
بالفعل هي ممارسة سياسية راقية لكن بالشكل فقط ....الاخوان والحركة الدستورية تقوم فكرة الانتخابات عندهم على مبدأين :
1- الطعن بالمنافس وتوزيع منشورات ضده
2- التحالفات
اذن هي ليست ممارسة سياسية فعلية ...والدليل ارجع لحصيلة الاصوات لنفس الاعضاء الناجحين وقارنها بالانتخابات السابقة لهم ..تجد التذبذب في الارقام وهذا راجع للخصم القوي ومبداية التحالفات ....العمل السياسي عمل مهني بحت ..تقوم الفكرة فيه على التحزب لرأي من مصلحة المجتمع ككل والمناداة به عبر الوسائل المشروعة ومن ثم اجتياز امتحان التمثيل النيابي الى مرحلة وضع الخطط والافكار موضع التنفيذ .... اما الاخوان فهم جماعة تبحث عن مصلحتها بغض النظر عن مصلحة المجتمع او الدولة ...هذا هو ديدنها عبر تاريخها .... احترم اي شخص يدافع عن اي فكر يعتنقه طالما كانت اهدافه معلنة ومشروعة ...اما الاخوان للاسف فلن تعرف من هو اميرهم حتى تعرف ماذا يفكرون
مع تحياتي
Post a Comment
<< Home