حاميها مخالفها

يعتبر رجال الشرطة في كل مجتمع العين الساهرة على حماية الناس والمثل الأعلى في تطبيق القانون وإلزام الناس بالانصياع لأحكامه، فهم يدرسون القانون في مراحلهم التدريبية للعمل الشرطي بالقدر الذي يمكّنهم من فرض احترام الناس لهذا القانون.

أما الواقع فهو ليس بهذا اللون الوردي الفرائحي. فمن المؤكد أن الغالبية من رجال الشرطة يحترمون القانون ويطبقونه على أنفسهم قبل الناس، لكن هناك فئةً من هؤلاء لا تقيم وزنا للأنظمة والقوانين خاصة المرورية منها وتخالفها جهارا نهارا أمام أعين الناس الكبار منهم والصغار!

تمر علينا بين الحين والآخر دورية شرطة تسير في الحارة التي في أقصى اليسار من الطريق، ثم يقرر صاحبها فجأة أنه سيأخذ المخرج على أقصى اليمين فيتجاوز كل الحارات من غير أن يعطي إشارة! وكأنه يمتلك الطريق أو أن الشارع مسجل باسم حضرته!

يمر علينا آخرون يسيرون بسياراتهم أكثر من الحد الأعلى للسرعة المسموح به. ومن المعروف أنه حتى سيارات الشرطة لا يُسمح لها بأن تتجاوز السرعة القصوى إلا في حالة الطوارئ ويجب في هذه الحالة أن يشغل الشرطي الصافرة! لكننا نرى هؤلاء الشرطة وهم يتصرفون كما لو كانوا في سياراتهم الخاصة، بل ويخففون سرعتهم عند الكاميرات! في تصرف يدل على أنهم يخافون من تصوير الكاميرا لهم، مما يدل بصورة قاطعة على أن هذا العمل من جانبهم مخالف للقانون.

وفي جانب التعامل مع الناس لا تسَل عن التجهم والعبوس الذي تراه على وجوه بعض رجال الشرطة وكأنهم خارجون من جنازة! وخاصة أولئك الذين يختمون الجوازات عند دخول البلاد من المنافذ الحدودية أو المطار. أو في تعامل الشرطة مع المحجوزين عندهم في نظارات المخافر، فرغم أن المحجوزين متهمون لم تثبت إدانتهم لكنهم يُعاملون كالمجرمين. الكلام هنا بالطبع عن قلة من مجمل الجهاز الأمني تسيء التصرف، لكن عمل هذه القلة يسيء إلى الجميع.

قبل أن نتوقع من الناس أن يحترموا القانون لا بد أن نجعل رجال القانون يحترمونه أولاً. ومن اللازم أن تقوم القيادات الأمنية بتنظيم دورات تدريبية لأفرادهم عن مواد الدستور والقانون التي تهمهم والتي هي ذات أهمية في تحسين وتجميل صورة الشرطي والضابط أمام الجمهور.