الكويت دائرة واحدة والناخب له خمسون صوت

النظام الانتخابي الحالي ذو الخمس دوائر لم يُجرَّب بعد، ولم تظهر سلبياته وعيوبه حتى يمكن مقارنتها بإيجابياته، لكن هذه المقالة تمثل محاولة لاستقراء ما قد يُحسب على هذا النظام .

أولا لا بد من التأكيد على أن نظام الخمس دوائر هو أفضل بمراحل من النظام القديم ذي الخمس والعشرين دائرة. فذاك النظام المنقرض كان يكرس الصلة الشخصية بين النائب والناخب حيث تلعب الخدمات النفعية دورا أكبر بكثير من المواقف والقيم، وكان الناخب يمارس عملية ابتزاز سياسي على النائب حتى يأتي له بواسطة أو يخلص له معاملة. أما الآن فالمفترض أن يحكم على أداء النائب مجموعة كبيرة من الناخبين يقررون مصيره الانتخابي، فيكون الحكم على المرشح منطلقا من الفكر والمواقف، لا الخدمة والواسطة. لذلك فالدائرة الواحدة يفترض أن تكون المرحلة الأكثر نضجا من الخمس دوائر.

على أن السلبية المحتملة في النظام الحالي تكمن في حصر اختيار الناخب بأربعة أصوات فقط، وهو أمر مفهوم جدا حتى لا تتحكم قبيلة أو طائفة أو عرق في دائرة بأكملها فتحوز على خُمس أعضاء المجلس! لكنها في نفس الوقت تحد من اختيارات الناخب الذي لا يريد التصويت على أساس قبلي أو طائفي أو عرقي.

أما الدائرة الواحدة فيضمحل فيها هذا المخوف ويتلاشى. فليست هناك قبيلة أو طائفة في الكويت بإمكانها الفوز في الدائرة الواحدة بأصوات أبنائها فقط. مما يدفع القبائل والطوائف إلى إعادة التشكيل حسب الانتماءات الفكرية بين ليبراليين ومحافظين أو يسار ويمين ووسط، وهذا التشكيل السياسي يرتقي بالكويت فوق الانتماء الحاصل بالولادة (طائفي – قبلي) إلى الانتماء الحاصل بالفكر والاقتناع (حزبي – تياري)، وفي نفس الوقت لا نحد من حصول أي حزب أو تيار على نسبة تفوق الـ 40% التي لا يمكن أن يتخطاها حاليا. فاشتراط تصويت الناخب لأربعة فقط رغم أن الدائرة يمثلها عشرة نواب يحد من حرية الناخب والتيار.

نتناول لاحقا إن شاء الله إمكانية قيام الأحزاب في النظام الحالي ونظام الدائرة الواحدة.